ما هي متلازمة كريغلر نجار التي تصيب الأطفال؟
سميت متلازمة كريغلر نجار على اسم الطبيبين اللذين وصفا هذه الحالة لأول مرة في عام 1952، جون كريغلر وفيكتور نجار، وهي حالة وراثية نادرة تهدد الحياة وتؤثر على الكبد، وترتبط بارتفاع مستويات مادة سامة تسمى البيليروبين في الدم، ما يطلق عليه فرط بيليروبين الدم. في موضوعنا نتعرف بالتفصيل على هذه المتلازمة.
ما هي متلازمة كريغلر نجار؟
بداية نتعرف على مادة البيليروبين التي تتميز هذه المتلازمة بارتفاع مستوياتها. مادة البيليروبين هي أحد المخلفات التي تنتج أثناء العملية الطبيعية التي يتم فيها تكسير خلايا الدم الحمراء. وليتخلص الجسم من البيليروبين يقوم إنزيم يسمى يوريدين ثنائي فوسفات غلوكورونوسيل ترانسفيراز (UGT) بتحويل الشكل السام من البيليروبين إلى شكل قابل للذوبان في عملية تتم في الكبد وتعرف باسم "اقتران البيليروبين"، بعد ذلك يتمكن الجسم من طرد البيليروبين والتخلص منه مع العصارة الصفراء عبر الأمعاء.
يحتوي البيليروبين على صبغة صفراء برتقالية؛ لذا يؤدي فرط بيليروبين الدم إلى اصفرار الجلد وبياض العينين وهو ما يعرف باليرقان.
في متلازمة كريغلر نجار، يظهر اليرقان عند الولادة أو في مرحلة الطفولة، ويمكن أن يؤدي فرط بيليروبين الدم غير المقترن الشديد إلى حالة تسمى اليرقان النووي وهي شكل من أشكال تلف الدماغ الناجم عن تراكم البيليروبين غير المقترن في الدماغ والأنسجة العصبية.
هناك نوعين لمتلازمة كريغلر نجار، في كلا النوعين، لا يتم تكسير البيليروبين بشكل صحيح ولا يتمكن الجسم من التخلص منه في العصارة الصفراء؛ فتتراكم مستويات عالية من البيليروبين غير المقترن في الدم.
- النوع الأول: يكون إنزيم يوريدين ثنائي الفوسفات ترانسفيراز غلوكورونوزيل "UGT" غير نشط تمامًا، وهذا النوع أكثر حدة ويمكن أن يؤدي إلى الوفاة في مرحلة الطفولة المبكرة.
- النوع الثاني: تكون مستويات الإنزيم منخفضة بشدة، وهو أقل حدة من النوع الأول ويكون المريض أقل عرضة للإصابة باليرقان.
ما هي أسباب الإصابة بمتلازمة كريغلر نجار؟
تحدث الإصابة بهذه المتلازمة نتيجة طفرة في الجين المسؤول عن إنتاج إنزيم يوريدين ثنائي الفوسفات ترانسفيراز غلوكورونوزيل "UGT" في الكبد.
لتحدث الإصابة بهذه المتلازمة يجب أن يرث الطفل الجين التالف من كل من الأب والأم، بينما إذا قام أحد الوالدين فقط بنقل الجين فقد يتأثر الطفل بحالة أقل خطورة تُعرف باسم متلازمة جيلبرت.
ما هي أعراض الإصابة بمتلازمة كريغلر نجار؟
كما وضحنا هناك نوعان لمتلازمة كريغلر نجار، تظهر أعراض النوع الأول بشكل عام بعد الولادة بفترة قصيرة، وتشمل:
- اليرقان الشديد.
- اصفرار الجلد والأغشية المخاطية.
- بياض العين.
تستمر هذه الأعراض بعد الأسابيع الثلاثة الأولى من الولادة، ويكون الرضع معرضون لخطر الإصابة باليرقان النووي المعروف أيضًا باعتلال الدماغ بالبيليروبين، خلال الشهر الأول من العمر، وهي حالة عصبية تهدد الحياة؛ إذ تتراكم فيها مستويات سامة من البيليروبين في الدماغ، ما يتسبب في تلف الجهاز العصبي المركزي.
قد تشمل العلامات المبكرة لليرقان:
- الخمول.
- القيء والحمى.
- سوء التغذية.
تشمل الأعراض الأخرى التي قد تتبع ذلك:
- انعدام بعض ردود الفعل.
- تشنجات عضلية خفيفة إلى شديدة، تشمل التشنجات التي يتقوس فيها الرأس والكعبان للخلف وينحني الجسم للأمام.
- حركات عضلية لاإرادية.
- ضعف الرضاعة بشكل كبير.
- ضعف توتر العضلات؛ ما يؤدي إلى ارتخاء غير طبيعي.
بالطبع يؤثر ذلك على جسم الطفل بشكل كبير، وقد ينتج عنه:
- مضاعفات معتدلة: مثل الحماقة، وصعوبة أداء المهارات الحركية الدقيقة، وضعف مينا الأسنان.
- مضاعفات خطيرة: مثل فقدان السمع، ومشكلات في الإدراك الحسي، وتشنجات، بالإضافة إلى حركات ملتوية بطيئة ومستمرة في الذراعين والساقين أو الجسم كله، ويمكن أن تؤدي نوبة من اليرقان في النهاية إلى تلف شديد في الدماغ يهدد الحياة.
تكون أعراض متلازمة كريغلر-نجار من النوع الثاني أقل حدة من النوع الأول.
كيف يتم تشخيص الإصابة بمتلازمة كريغلر-نجار؟
قد تؤدي الإصابة باليرقان الشديد خلال الأيام الأولى من الولادة إلى الاشتباه في الإصابة بـمتلازمة كريغلر نجار، ويتم التأكد من الإصابة عن طريق:
- التقييم السريري.
- التاريخ العائلي لأسرة الطفل.
- الاختبارات الجينية والمخبرية، على سبيل المثال قد تكشف اختبارات الدم عن وجود مستوى عالٍ من البيليروبين غير المقترن في الدم أو نقص البيليروبين المترافق في العصارة الصفراء.
- الاختبارات الجينية، يمكن أيضا إجرائها لبحث وتشخيص الطفرات في جين UGT1A1.
ما هو علاج متلازمة كريغلر نجار؟
يكون الهدف الأساسي في علاج متلازمة كريغلر نجار هو تقليل كمية البيليروبين غير المقترن في الدم بأسرع ما يمكن، وتختلف الطريقة المناسبة لتحقيق ذلك من النوع الأول إلى النوع الثاني من المتلازمة.
علاج متلازمة كريغلر-نجار من النوع الأول
يعتمد العلاج بشكل أساسي على العلاج بالضوء، إذ يتعرض الطفل لضوء LED أزرق في جهاز مشابه لسرير التسمير، يعمل الضوء على تفكيك البيليروبين غير المقترن، فيتمكن الجسم بعد ذلك من التعامل معه بشكل طبيعي، وإفرازه في العصارة الصفراء ثم التخلص منه عن طريق الأمعاء.
ولكن العلاج بالضوء عملية شاقة تتطلب 10-12 ساعة من العلاج يوميًا، كما أن التعرض المطول للضوء يؤدي إلى زيادة سمك جلد الطفل ما يجعله يحتاج إلى نظام علاج ضوئي أكثر كثافة؛ لذا فإن الحاجة إلى العلاج بالضوء عملية تعوق الحياة بشكل كبير.
تعتبر زراعة الكبد علاجًا محتملاً لإنقاذ حياة مرضى كريغلر نجار؛ إذ سيحتوي الكبد الجديد المنقول على الإنزيم المفقود والقادر على تحويل البيليروبين غير المقترن - الذي لا يمكن إخراجه من الجسم - إلى بيليروبين مترافق يمكن للجسم التخلص منه.
علاج متلازمة كريغلر نجار من النوع الثاني
على الرغم من أن بعض الأفراد المصابين بالنوع الثاني قد يحتاجون إلى العلاج بالضوء أثناء نوبات فرط بيليروبين الدم الشديد، إلا أنه في معظم المرضى يمكن السيطرة جيدا على الحالة باستخدام العلاج اليومي بالفينوباربيتال.
كيف يكون تطور الإصابة بمتلازمة كريغلر نجار؟
يختلف تطور حالة مريض كريغلر نجار على المدى الطويل تبعا لنوع المتلازمة، فيما يلي نوضح ذلك.
تطور الإصابة بالنوع الأول
مع الأسف غالبا ما يمر مرضى النوع الأول من المتلازمة بأوقات عصيبة يزداد فيها خطر حدوث تلف شديد وغير قابل للعلاج في الدماغ بسبب اعتلال الدماغ بالبيليروبين، وحتى مع العلاج، فإن معظم المرضى المصابين بمتلازمة كريغلر نجار من النوع الأول - إن لم يكن جميعهم - يصابون في نهاية المطاف ببعض العجز العصبي.
أيضا مع تقدم الطفل في السن تفقد العلاجات المتاحة لهذه الحالة فعاليتها ما يزيد الحاجة إلى عملية زراعة للكبد لإنقاذ حياة المريض.
مع الأسف يموت معظم مرضى متلازمة كريغلر نجار من النوع الأول بعمر 15 شهرًا - ما لم يتم علاجهم بعلاج قطعي مثل زراعة الكبد -، لكن لحسن الحظ، وبسبب التقدم العلمي المستمر في علاج فرط بيليروبين الدم تزداد أعداد المرضى الذين يتمكنون من الاستمرار في العيش حتى سن الرشد.
عادة ما يصاب حديثو الولادة من الأمهات المصابات بمتلازمة كريغلر نجار من النوع الأول بمضاعفات سلبية منها؛ تأخر النمو، وفقدان السمع.
تطور الإصابة بالنوع الثاني
على الرغم من أن أعراض النوع الثاني من المتلازمة ومضاعفاته عادة ما تكون أكثر اعتدالا، فقد تم الإبلاغ عن العديد من حالات تلف الدماغ الناجم عن البيليروبين في مصابي النوع الثاني، يحدث ذلك عادة عندما يعاني المريض من عدوى شديدة أو إجهاد.
لكن مع العلاج المناسب، يتمكن العديد من المرضى المصابين بمتلازمة كريغلر نجار من النوع الثاني أن يعيشوا حياة طبيعية نسبيًا.
في حديثي الولادة من الأمهات المصابات بمتلازمة كريغلر نجار من النوع الثاني، يبدو أن استخدام الفينوباربيتال في الحمل يكون آمنا، كما أنه يُظهر نتائج جيدة لدى الجنين والأم.
ما هي الأدوية التي يمكن استخدامها في علاج متلازمة كريغلر نجار؟
هناك بعض الأدوية التي يمكن استخدامها بجانب تعرض الطفل لضوء LED الأزرق، ومنها:
- أورسوديول Ursodiol.
- فينوباربيتال phenobarbital.
- فيتامين هـ vitamin E.
- فيتامين ج vitamin C.
- لـ- كارنيتين L-carnitine.
- كرياتين creatine.
ختاما فإنه حتى مع الخضوع للعلاج المناسب سيظل المرضى المصابون بمتلازمة كريغلر نجار لديهم طفرة جينية تسبب نقص إنزيم يوريدين ثنائي الفوسفات ترانسفيراز غلوكورونوزيل وسيظل بإمكانهم نقل هذه الطفرة إلى أطفالهم.
نحن هنا لمساعدتك في الحفاظ على صحتك، احجز الآن في مستشفيات أندلسية لأفضل الخدمات الطبية والرعاية الصحية، من هنــــــــا.
الأسئلة الشائعة
كيف اعرف ان طفلي لديه مشاكل في الكبد؟
متى يعمل الكبد عند الرضع؟
مشاركة المقال